مقابلة خاصة مع بولا إستبان: أمنية اللاجئين في لبنان، الفرَج وأوقات أفضل للجميع

أكتوبر 29, 2021

ي هذه المقابلة، تشاركنا الزميلة بولا إستبان، مسؤولة التواصل في مفوضية اللاجئين في لبنان قصصًا من الحياة اليومية لأمهات لاجئات التقت بهنّ في العديد من المخيمات العشوائية. كما تسلط الضوء على جهود المفوضية في التحضير للشتاء في لبنان، البلد الذي واجه ويواجه الكثير من المصاعب خلال العامين الماضيين، ولا يزال يستضيف أكثر من مليون لاجئ -أكثر الدول استضافة للاجئين مقارنة بعدد السكان.

  • هل يمكنك أن تخبرينا عن وضع اللاجئين في لبنان الآن؟

مثل جميع المجتمعات في لبنان، يتأثر اللاجئون بشدة بالأزمات المتفاقمة والوضع الحرج الذي يعاني منه البلد.  خلال الأشهر الـ18 الماضية خسرت العملة اللبنانية أكثر من 85% من قيمتها، مما ادى الى ارتفاع كبير في الأسعار، وبات اللاجئون من الأكثر تضرراً إلى جانب الأسر اللبنانية الأكثر فقراً.

إن الأزمة الاقتصادية والمالية الحالية، مقترنة بتأثير وباء كوفيد-19، أدت إلى زيادة نسبة اللاجئين السوريين الذين يعيشون في فقر، والذين يُضطرّون يومياً إلى اتخاذ خيارات صعبة للبقاء على قيد الحياة، بما في ذلك تخفيض عدد الوجبات، وإهمال حاجتهم للعلاج الطبي العاجل، وإرسال أبنائهم للعمل بدلاً من المدرسة. تظهرالبيانات أن 90% من الأسر السورية اللاجئة يعيشون تحت خط الفقر المدقع وهم غير قادرين على تأمين الضروريات الأساسية. كما أن نصف عدد الأسر اللاجئة يعنون من انعدام الأمن الغذائي.  ومع استمرار الأزمة الحالية، يعاني المواطنون اللبنانيون على حد سواء، في ظلّ محدودية فرص كسب العيش لتغطية تكاليف احتياجاتهم الأساسية.

  • ما هو تأثير هذه الظروف المعيشية على الأطفال اللاجئين ومستقبلهم؟

إنه لأمر مفزع للغاية أن نرى كيف يتحمل الأطفال السوريون اللاجئون الجزء الأكبر من أعباء الأزمة. فبدلاً من التعلم في المدرسة، يعمل العديد من الأطفال على مساعدة أسرهم في تأمين احتيجاتهم الأساسية. في الأسبوع الماضي، كنا نتحدث مع إحدى اللاجئات وهي أم لأربعة أطفال يعيشون في أحد المخيمات العشوائية، وقد أخبرتنا أن ابنيها الأكبر سناً، ويبلغان من العمر 15 و 16 عاماً، لم يعودا يذهبا إلى المدرسة بسبب اضطراهما للعمل للمساعدة والعمل لتأمين طعام الأسرة.  ورغم ذلك، فهي لا تتمكن من تأمين الطعام الكافي لأطفالها الأربعة. كما أخبرتنا أم لاجئة أخرى بأنها ظلّت تدّخر المال طيلة ثلاثة أعوام كي تتمكن ابنتاها، بعمر 8 و 9 سنوات، من الالتحاق بالمدرسة، لأنها لم تتمكن من تحمل تكاليف التعليم.

  • هل يمكنك أن تشرحي لنا بإيجاز، وجهة نظرك، حول ما يجعل المساعدة التي تقدمها المفوضية حيوية وضرورية لآلاف الأسر؟

لا يزال لبنان البلد الأكثر استضافة للاجئين في العالم مقارنة بعدد سكانه، و تؤثر الأزمة الحالية على اللاجئين واللبنانيين على حد سواء.  ولهذا السبب فإن المساعدات التي تقدمها المفوضية تدعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة لهم.  وأود هنا أن أسلط الضوء على بعض البرامج التي تساعد على فهم أهمية تدخلات المفوضية وتأثيرها على الأسر.  على سبيل المثال، نحن نساعد الأسر اللاجئة والأسر اللبنانية الأكثر ضعفاً على تحسين ظروف معيشتهم وإعطاء الأولوية للأسر التي تعيش في ظروف سكنية خطرة.  وتعتبر المساعدة النقدية إحدى أهم أنواع التدخلات أيضاً. فإلى جانب دورها في تعزيز قدرة الأسر على تكاليف الاحتياجات الاساسية مثل الايجار، والطعام، والدواء، وحمايتها من التعرّض للاستغلال والاضطرار إلى اتباع استراتيجيات سلبية وخطرة للتعايش مع ظروفهم, هي أيضاً تمكّن اللاجئين من المساهمة في الاقتصاد المحلي عن طريق الشراء مباشرة من الأسواق والمحال المحلية.  وأود أيضا أن أسلط الضوء على عمل المراكز المجتمعية ومتطوعي التوعية، الذين يدعمون اللاجئين واللبنانيين في تلقي أحدث المعلومات عن خدمات المفوضية، واكتساب مهارات جديدة، وبناء شبكات اجتماعية، وزيادة معارفهم من خلال جلسات التوعية، وتلقي خدمات إدارة الحالات والدعم النفسي الاجتماعي.

  • ولماذا تُعتبر المساعدة للأسر الأكثر ضعفاً أمراً شديد الأهمية الآن قبل حلول فصل الشتاء؟  خصوصاً وأن الدعم سيذهب إلى كل من العائلات السورية واللبنانية.

الشتاء قاسٍ في لبنان.  ويمكننا جميعاً أن نتذكر كيف حملت عاصفة جويس في فبراير/شباط الماضي معها من هطول لأمطار غزيرة وثلوج، وانخفاض حاد في درجات الحرارة. وهذا العام، سوف تزيد الأزمة الاقتصادية على الأشخاص الأكثر ضعفاً في تأمين الدفء أثناء الشتاء.  ولمساعدتهم على مواجهة الموسم القاسي، تقدم المفوضية الدعم الشتوي من خلال المساعدة النقدية، ومواد الإغاثة الاساسية، وحزم أدوات تحسين وصيانة المأوى.  ونحن نخطط هذا العام للوصول إلى الغالبية العظمى من الأسر السورية اللاجئة الأكثر ضعفاً، بالإضافة إلى الأسر اللبنانية الأكثر ضعفاً لمساعدتها في تلبية الاحتياجات والتكاليف الإضافية الناجمة عن المناخ الشتوي.  كنت أتحدث مع أسرة لاجئة في سهل البقاع منذ بضعة أسابيع، وقد أخبروني بأنهم قلقون كثيراً بشأن الشتاء القادم.  ففي العام الماضي، ونتيجة تسرّب المياه من سقف التربولين (الغطاء البلاستيكي العازل)، كانوا يقضون قسماً كبيراً من الشتاء في النوم على فرش رطبة، والتي كانوا يحاولون تجفيفها كل يوم تحت أشعة الشمس الضعيفة.  وهذا العام، تحاول الأسر استغلال أقصى قدرة لمواردها بما يفوق طاقتها بهدف تأمين الطعام على موائدهم والدفء داخل مساكنهم في الوقت نفسه.  وتهدف المساعدات التي ستقدمها المفوضية إلى توفير بعض مواد الإغاثة، ولكنها لا تكفي لتغطية الاحتياجات الملحة للعديد من الأسر اللبنانية واللاجئة التي ستكافح من أجل التكيف مع موسم الشتاء.  ولذلك فإننا نطلب دعماً إضافياً، فلا ينبغي أن يُترك أحد لمصيره بمواجهة البرد في هذا الشتاء.

  • ما الجهود التي تبذلها المفوضية لمكافحة وباء كوفيد-19 في ظلّ الأزمة التي تضرب لبنان؟

ومنذ بداية تفشي مرض كوفيد-19، دعمت المفوضية الجهود الجماعية الرامية إلى منع انتشار الفيروس واحتوائه، وتجنب إرهاق وبعثرة موارد النظام الصحي الذي قد ينجم عن ارتفاع في الحالات التي تحتاج إلى الاستشفاء.  وقد دعمت المفوضية المستشفيات بأسرّة إضافية وأسرّة إضافية للعناية الفائقة، وأجهزة تنفس اصطناعي، ومعدات متقدمة أخرى، فضلا عن مخزونات من الأدوية.  وقد بذلت فرق المفوضية جهدها لبناء مرافق مخصصة لتوسيع المستشفيات أو إصلاح الأقسام غير المستخدمة الموجودة وتجديد هذه الأقسام بمعدات طبية جديدة.  وظلت هذه الأخيرة ملكاً للمستشفيات، بهدف علاج عدد أكبر من المرضى لفترة طويلة حتى بعد كوفيد-19. وفي الوقت الحالي، تشارك المفوضية بنشاط في جهود التطعيم، وقد تم الوصول إلى جميع اللاجئين المسجّلين لدى المفوضية من خلال التوعية حول COVID-19 عبر الرسائل القصيرة SMS، وواتساب، ومنصات وسائل التواصل الاجتماعي وموقع المفوضية على شبكة الإنترنت، فضلاً عن المتطوعين والشركاء من خلال المكالمات الهاتفية الفردية أو الزيارات المنزلية.  لا أحد يستطيع أن يأمن إلى أن يصبح الجميع آمنين، ونحن ملتزمون بالاستمرار في دعم جهود التطعيم.  وفي هذا الصدد، أود أن أسلط الضوء على عمل المتطوعين الذين قاموا بدور فعال وملهم حقاً في مساعدة اللاجئين على الاطلاع على المعلومات وعلى التسجيل والحصول على اللقاح.  إن شجاعتهم والتزامهم يعطيان الأمل للجميع.

  • في ختام هذه المقابلة، هل لديك رسالة أخيرة إلى داعمينا الذين يشاركوننا مخاوفنا بشأن معاناة الأسر السورية اللاجئة والأسر اللبنانية الأكثر ضعفاً في لبنان الآن؟

إن دعم المتبرعين يشكل أهمية حاسمة لضمان قدرتنا على إيصال المساعدة على الأرض ومساعدة الأسر اللاجئة على تخطّي تحديات اللجوء اليومية والأزمة الحالية التي يعيشها لبنان.  وقبل بضعة أيام، تحدثت مع إحدى الامهات المعيلات لأطفالهن، فأخبرتني كيف أن أطفالها الأربعة كانوا مرضى، ولكنها لم تتمكن إلا من تحمل تكاليف العلاج لواحد منهم.  هكذا هي حالة الكثير من اللاجئين: أمهات يضطررن لاختيار أي من أطفالهن سيحصل على الدواء. كما أخبرتني أيضاً عن معاناة الأسر اللبنانية، وكانت ترجو الفرَج لجميع اللبنانيين. لذا، أود أن أعرب عن أمنيتها ورجائها: الفرَج وأوقات أفضل للجميع.  وبدعم المتبرّعين ودعم المجتمع الدولي، سنتمكن من تحقيق هذه الأمنية. ولا يسعنا أن نخذلها أو نخذل أي من الأسر التي تكافح من أجل ذلك.