رسالة خاصة من زميلتنا في المفوضية: يد واحدة لا تصفّق

أغسطس 22, 2022

غالباً ما أكتب إليك طلباً لدعمك بهدف مساعدة الأسر اللاجئة، أو لإطلاعك حول حالة طوارئ معينة أو لمشاركتك تقارير عن أثر تبرعاتك وعمّا حققته في حياة الكثيرين. اليوم، اسمح لي أن أتشارك معك رسالة شكر من القلب، فهو ليس يوماً عادياً بالنسبة لأهل الخير أمثالك ولا بالنسبة لنا كعاملين في المجال الإنساني؛ إنه اليوم العالمي للعمل الإنساني.

#يد_واحدة_لا_تصفق، هو عنوان موضوع اليوم العالمي للعمل الإنساني هذا العام. وفيما قد يشعر الكثيرون منا بالعجز أمام حجم الاحتياجات الانسانية المتزايدة حول العالم، أو قد يصعب فهم حجم الأثر الذي نحققه معاً، أودّ أن أتشارك معك بعض اللحظات التي عشتها أثناء لقائي بالعائلات التي ندعمها، كعربون شكر لوقوفك سنداً لهم في أصعب الأوقات.

كأم لطفلين، فإن أكثر ما أجده صعباً ومؤثّراً في عملي هو التحدّث مع آباء اللاجئين الذين يعيشون الخوف والقلق اليومي في سعيهم لحماية أطفالهم وتأمين وجبة الطعام أو الإيجار. لقد شاهدت أمّاً تقوم بتجديل شعر ابنتها التي كانت تنظر إلى نفسها بالمرآة سعيدة بربطة الشعر الجديدة الملوّنة والتي استطاعت الأم أخيراً شراءها لها. قد يبدو مشهداً عادياً لكنه أثّر فيّ لمعرفتي بأن أكثر ما كان يشغل بال تلك الأم في تلك اللحظة، وبعد أن رسمت البهجة على وجه طفلتها، كان كيف ستؤّمن وجبة العشاء للأسرة.

في إحدى الزيارات الميدانية للعائلات، مؤخّراً، التقيت بأسرة لطيفة مؤلّفة من 5 أفراد، حيث يعمل الأب لإعالة أطفاله الثلاثة وزوجته المريضة. وقد أخبرني هذا الأب عن حادثة تعرّض ابنه الأصغر للتنمّر من بقية الأطفال، وعن شعوره بالأسى لرؤية ابنه حزيناً. لقد حرص على شراء دجاجة مشوية للعشاء كي يرسم البسمة على وجه ابنه في تلك الليلة، رغم أن ذلك كان سيؤدّي لأن تقتصر وجبات العشاء للأسرة على الأرزّ واللبن حتى نهاية الشهر. غادرت منزلهم يومها بعينين دامعتين لتأثّري بالتضحية التي يقدّمها هذا الأب المحبّ وبالطريقة التي حاول فيها احتواء حزن ابنه.

قد تترك فينا هذه القصص شعورأً بالحزن، لكن العزيمة والأمل التي تحتويها أيضاً هي ما يحثّني على هذا العمل، وعلى تواصلي معك ومع أهل الخير أمثالك، طلباً للمساعدة، التي لم تتأخّر يوماً عن تقديمها.

ولذا، وفيما نحتفل بهذا اليوم المميز، أودّ أن أشكرك مجدّداً. قد لا تكون من “الأبطال الخارقين” الذين نشاهدهم في الأفلام، لكنك بطل حقيقي في عيوننا وفي عيون كل الأشخاص التي تساعدهم على تحسين حياتهم. بالتكافل سنصنع معاً الفارق ونزرع الأمل في حياة من خسروا كل شيء في لحظة.

نحن نحتفل بك اليوم وبكل ذي أثر طيب في حياة المحتاجين. شكراً لمدّك يد العون التي تتيح لنا الوقوف يداً بيد سنداً لهم. فكما تعلم “يد واحدة لا تصفّق.”

ماري جوزه كرم

علاقات كبار الداعمين